مقالات صحفية > في رثاء الخياط
 
أدباء: خياط مدرسة صحفية أساسها قلم شفيف
طالب الذبياني علي السعلي – مكة المكرمة – جدة

منذ رحيل الإعلامي الرائد عبدالله عمر خياط يوم الأول من أمس تبارت العديد من الأقلام معددة مآثر الفقيد، و أثره على الساحة الإعلامية، و ما تركه من إنتاج فكري و آراء كان يطرحها في عموده الشهير «مع الفجر»، فضلاً عن جهوده المقدرة في مجال الطباعة، و كيف أنه كان من الرواد في هذا المجال، و خاض مغامرات الطباعة الأولى، مستمسكًا بضرورة تحقيق أعلى قدر من الجودة في هذا المجال.

التركي: ظل وفيا مع الصحافة بكلمته.
و في هذا السياق يقول الدكتور إبراهيم التركي: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم رمزنا المضيء كفاء ما قدم في زاويته اليومية «مع الفجر»، التي كان يبث من خلالها هموم الناس ومشكلاتهم، إضافة إلى ما امتاز به من مجاملة، و كنّا نقرؤه و نراه في قمة التواضع لا الضعة، و الشفافية مع قلمه و ضميره المهني و مع قرائه، إضافة إلى ما عُهد من أريحيته، و طيبته وجمال نفسه ودرسه.

و يتابع التركي مضيفًا: لم يتح لي الزمن أن ألتقي به أو أتعرف عليه من قرب أو أسعد بالتتلمذ عليه؛ لكن زاويته المشرقة «مع الفجر» كانت كافية لنعرف قيمة هذا الرجل، ونتطلع إلى ما تستشرفه هذه القامة العالية من عطاء و وفاء وأثر وإيثار. و يختم التركي بقوله: أستاذنا خياط ظلَّ وفيًا مع الصحافة بكلمته، و أعتقد أن وفاءه للكلمة يستحق أن يوافيه المتكلمون بوفاءٍ مماثل.

السلمي: تكريمه و إحياء ذكراه واجب علينا جميعًا .

ويقول د. عبدالله السلمي رئيس أدبي جدة: الأستاذ الخياط رمز، و نموذج للجيل، رحل لكنه ترك خلفه مدرسة ضخمة ما زالت مشرعة أبوابها في كل من يريد أن ينهل من سيرته و قلمه السيال و كلماته الرقيقة الرشيقة التي تصبحنا «مع الفجر»، هذه الزاوية المضيئة التي كان الجميع يتلقاها و يقبل عليها ويقبلها و هو في شغف و شوق إلى ذلك القلم النزيه النظيف الوطني الحريص على كثير من المكتسبات و الهوية. و أتمنى أن لا نودعه بكلمات بل نستحضره على مستوى التكريم بحضور مقالاته في المقرارات الدراسية وإطلاق اسمه على شوارع جدة و مكة التي عاش و نما فيها وأن يكون اسمه حاضرًا و يخلّد ذكراه، و أتمنى من الإعلام أن يقيم الندوات والمحاضرات و الأمسيات و الحوارات حوله.

الربيعي: ما قدمه جدير بأن يحفظه التاريخ.

و يشارك الدكتور حامد الربيعي، رئيس نادي مكة الثقافي الأدبي، بقوله: رحم الله عبدالله خياط الصحفي الأديب المثقف المؤلف، عاش حياته مع الكلمة و للكلمة حتى آخر لحظة قبل توقف ذلك القلب النابض بحب للوطن و للدين وللقيم و الأخلاق الأصيلة. و يمضي الربيعي قائلاً: عبدالله خياط أحد الرواد الذين أسسوا للصحافة في بلادنا و ترقى في مدارجها حتى أصبح مدرسة يرتادها المريدون من شداة العمل الصحفي. و قد امتدت خدماته للكلمة ليكون له جهود في مجال الطباعة و النشر. لقد كتب في عدد من الصحف المحلية حتى ترسخ اسمه و حرفه ومواقفه في ذهن القارئ، و أصبح ما يطرحه مادة يبحث عنها القراء لما تتسم به من شمول و عمق وصدق و نهوض بالمسؤولية تجاه قضايا الوطن.

و يختم الربيعي بقوله: إن ما قدمه الخياط لوطنه و أمته جدير بأن يحفظه له التاريخ باعتباره أحد الرموز الذين قدموا أعمارهم في كل ما من شأنه تكريس الهوية وبث الوعي، و المحافظة على صورة ودور الصحفي و الكاتب الأصيل والمبدع، الذي لم يمنعه تقدمه في العمر من التعاطي مع كل المستجدات بقلم راسخ وبفكر وتجربة ثرية.

الشريف: طرز بقلمه ‏صورة العلم الصحفي.

و على ذات السياق يقول د.عبدالله بن حسين الشريف، أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة: إذا كان الموت قد غيب الأستاذ الخياط؛ فقد طرز بقلمه في ذاكرة المجتمع السعودي والعربي ‏صورة العلم الصحفي و الكاتب ‏المهني المثقف الواعي، و التي ستبقى محفورة في مرآة الصحافة السعودية و العربية ‏ما قرئ تاريخها و نظر في صفحاتها، ‏فقد كان الخياط أحد بناة الصحافة و رمزًا من رموز الإعلام محررًا و كاتبًا ورئيس تحرير كما ‏كان قلمًا مهنيًا مخلصًا و مثقفًا هادفًا، ‏خدمة وطنه و اسهم في توعية مجتمعه، و ثقف الجيل بما يتلائم مع تطورات الزمان.

الحساني: تميز بالجرأة في الطرح.

و قال الكاتب الصحفي محمد الحساني: عبدالله خياط عاش للحرف والكلمة و بهما على مدى ستة عقود من الزمن، و كان يطل على القراء من زاويته «مع الفجر» و بلا انقطاع، متغلبًا على ظروفه المرضية و الاجتماعية، و حتى في أسفاره لم يكن يضع القلم؛ و إنما يقطع مدة الرحلة بكتابة المقالات حتى لا يغيب يومًا واحدًا عن قرائه، ولذلك فعندما احتفلت الأمة العربية باليوبيل الذهبي للمقالة العربية أختير ليمثل المملكة في تلك المناسبة. كان على مدى هذه العقود صاحب قضية اجتماعية لعالجها، و تميز بالجرأة في الطرح، والإخلاص في القول وكان من أهم معاركه اعتراضه على الملكية الخاصة للكهرباء و عد ذلك احتكارًا لخدمة أساسية فنافح ودافع من أجل أن تتحول إلى شركة مساهمة و دفع منصبه ثمنا لتلك المعركة.

الحسيني: تدرج في الصحافة وحقق الكثير فيها.

و يؤبن التربوي والإعلامي خالد الحسيني الراحل بقوله: يتميز الأستاذ عبدالله عمر خياط رحمه الله بتفرده في البداية الصحفية مراسلا ومحررًا و تدرجه في العمل الصحفي مع بدايته قبل أكثر من ستة عقود من مكتب البلاد في مكة المكرمة والتصاقه بأدباء تلك الفترة مثل الأساتذة محمد عمر توفيق و أحمد عطار رحمهما الله و غيرهم و رغم عدم تفرغه للصحافة تلك الفترة إذ كان يعمل إداريًا في شرطة العاصمة المقدسة و حقق في حياته الصحفية الكثير من الأعمال الصحفية و التقى بعدد من كبار المسؤولين، ثم عندما ترأس تحرير عكاظ جعلها تهتم بالعمل المحلي و الإثارة الصحفية وقضايا المجتمع و بعدها أستمر و حتى و فاته و لأكثر من أربعة عقود يكتب في الجزيرة ثم هو من سنوات طويلة زادت عن العقود الثلاثة يكتب عاموده اليومي مع الفجر في عكاظ حتى يوم وفاته عندما كتب تحت عنوان (قلمي والكهرباء) رحم الله الأستاذ الكبير عبدالله خياط والعزاء لأشقائه عبدالرحمن و هاشم و أبنائه زهير و إخوانه و أختهم و والدتهم ولتلاميذه وأحبائه.
 
صحيفة المدينة - 18/02/1440 / 26/10/2018